تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"رحى": الثقافة كفعل نجاة، والفن مساحة للشفاء

في ظلّ الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها قطاع غزة، ومع استمرار توقّف الأنشطة الدورية لمؤسسة عبد المحسن القطان في مركز القطان الثقافي في غزة منذ اندلاع حرب الإبادة، تطلق المؤسسة برنامجها الثقافي الطارئ "رحى"، استجابةً إنسانيةً وثقافيةً عاجلة تهدف إلى إعادة نبض الحياة إلى الميدان، وإسناد الفنانين والمبدعين والفاعلين الثقافيين، وتوفير مساحات آمنة للتعبير والدعم النفسي للأطفال والعائلات، إلى جانب مسارات وتدخّلات أخرى.

يأتي هذا البرنامج في لحظة حرجة، حيث تتعرّض البنية الثقافية الفلسطينية لخطر التآكل، وتواجه المؤسسات الثقافية تحدّياتٍ وجوديةً تهدّد استمراريتها. وفي هذا السياق، تؤكد مؤسسة عبد المحسن القطان أنّ الإبقاء على الفن والثقافة ليس ترفًا، بل ضرورة وجودية، وأنّ دعم الفاعلين الثقافيين جزءٌ لا يتجزأ من منظومة الثَّبات المجتمعي، كما أنّه فعلٌ يعيد للثقافة دورها كمساحةٍ للنجاة، وللفنّ وظيفته كأداةٍ للشفاء، وللمجتمع قدرته على التفاعل الإنساني والاجتماعي بالرغم من الألم.

ضمن هذا البرنامج، ستُنفِّذ مؤسسة عبد المحسن القطان سبعًا وأربعين مبادرةً ثقافيةً وفنيةً وتربويةً، بالشراكة مع فنانين وفاعلين في الحقل الثقافي ومجموعاتٍ مستقلة، تستخدم أدوات الثقافة والفنون كوسائل للتعبير، والتوثيق، والدعم النفسي، والتفاعل المجتمعي. وستوفّر هذه المبادرات فرصَ عملٍ قصيرةَ الأجل للفنانين والمبدعين، وتعيد تفعيل الدور الحيوي للثقافة في أوقات الطوارئ.كما يولي "رحى" اهتمامًا خاصًا بتوفير مساحاتٍ آمنةٍ للأطفال والعائلات، تتيح لهم التعبير عن مشاعرهم، والتعامل مع الصدمة، واستعادة بعض الإحساس بالحياة، من خلال الورش الفنية، والأنشطة الأدائية، والتجارب التفاعلية.هذا، وتؤمن مؤسسة عبد المحسن القطان أنّ الثقافة ليست هامشًا، بل مركزًا في معركة البقاء، وأنّ المؤسسات الثقافية الفلسطينية، بالرغم من كلّ التحدّيات، قادرة على أن تكون جسرًا بين الألم والأمل.

إننا في مؤسسة عبد المحسن القطان نعدّ أنّ كلّ مبادرة، وكلّ عملٍ فني، وكلّ مساحةٍ تُفتح للتعبير، هي خطوةٌ نحو الشفاء، ونحو استعادة الحكاية الفلسطينية بصوتها الحرّ، وبصورتها التي لا تُمحى.